الثالثة والثانية والأولى
الثالثة والثانية والأولى
راقبتْ نبتتيها بشغف. وضعتهما في حوض كبير عند النافذة لتغمرهما أشعة الشمس، ويداعبهما النسيم العليل؛ لكن الأولى كانت تكبرُ وتستطيل، والثانية تذبلُ وتنكمش.
منحتْ الثانية الكثير من الرعاية، سقتها المزيد من الماء، وأطعمتها الكثير من السماد بدون جدوى فأشتدّ وهنها، واصفرّ ورقها، ونَحِلَت، بينما أهملت الأولى فتحملتْ، واصلتْ الوقوف على ساقها، شامخة بأغصانها، مادّةٌ أوراقها لتعانق السماء.
بعد مدة ليست بالقصيرة، وجدتْ إنها كلما أعطتْ الثانية المزيد من الاهتمام تفاقم سقمها، وكلما هجرتْ الأولى ازداد توهجها لذلك نأت بنفسها عنهما، وتركتهما في حال سبيلهما.
ثم أحضرتْ نبتة ثالثة زرعتها بينهما في نفس الحوض، وحظِيَت بِجُلِّ عنايتها فاستقوت، تحجبُ عنهما النور لكثافة أوراقها، تسحبُ الماء لتشعب جذورها، وتمتص كسرات السماد بشراهة بالغة.
عندها مدّتْ الأولى للثانية يدها، اسندتها على ذراعها فتشابكت أغصانهما، وتعانقت أحلامهما وتصافت نفوسهما. بعد عدة أيام أصابَ الثالثة الوهنُ الشديد، ونظرتْ ذات اليمين وذات الشمال لترى النبتتان باسقتان فأزمعت على أن تتقاسم معهما كلّ ما في الحوض من طعام وشراب. سَمِعَتها الغيوم في ذلك الصباح الباهر فتدفقّ المطر، وغردّ الشجر، وأينع الثمر، وابتهج البشر
.“عندما حدثتني بقصة الثلاث نبتات، قلتُ لها: "وكذلك النساء يَلتَحِمْنَ ليخرجن من بطنِ الحوت
كتابة وتصوير نجاة الشافعي