الفأرُ الأسد

الفأر قذر لكن ذكي .. الفأر قارض سريع الحركة.. الفأر سريع الهرب..

 

سماه أحدهم "الفأر" فتطايّر اسمه بين الناس، وذاع صيته: الفأر راح.. الفأر جاء.. الفأر قادم.. الفأر والفأر والفأر.. وهو يهز ذيله، وينفخ صدره، ويقفز فوقاً وتحتاً، يميناً وشمالاً، تارة يختبأ، وتارة يظهر، وتارة ينهب الجبن، ويستمتع بمضغه، وتارة لا يَمَسّه، الفأر يراوغ..

 

الفأر لا يأكل بطريقة الفئران. الفأر شره. يحب البصل والثوم واللحوم، وزيت الزيتون ويعصر الكثير من الليمون، ويقضم قرون الفلفل الحار فيطفئ اللهب بالماء البارد جداً.

 

الفأر يدخن ويدخن ويدخن بشراهة.. ويلقي بأعقاب السجائر.. في المخادع.. تحت الأسرة.. فوق المخدات.. بين الشراشف.. على مساند المقاعد..

 

عندما يعود تَفرُك الفأرة عيناها، تقوم من نومها لتسخّن له العشاء، يغضب منها:

- أنا الفأر!! حتى وإن أتيت متأخراً لا تنامي!

 

وعندما تضع مساحيق التجميل

- يا فأرة! لمن وضعتيها! لم أكن موجوداً! امسحيها!

 

وحين لا تضع المساحيق:

- يا فأرة! سُحنتك كالحة! ضعيها! أنا الفأر! أنا موجود!

 

الفأر ينام بطريقة خاصة، يستلقي على ظهره، ويضع رجلاً على رجل، ويتفرج على (التيك توك) حتى الفجر ويصل شخيره حتى الغابة البعيدة..

 

ذات يوم سقط الأسد في الشبكة.

 

الفأر بطل.. الفأر منقذ!!

 

قرضَ شبكة الأسد لأن الفأر ماهر وأسنانه حادة لاسيما قواطعه وزئير الأسد أوجع رأسه؛ لكن الأسد ناكر الجميل عندما تحرر من الأسر جاع جوعاً شديداً فالتهمه بِدْءًا برأسه ولم يدع سوى ذيله.

 

تندر أهلّ الحي على الأسد واسموه فأراً، وفي البئر رأى له ذيلين يهشّ بهما الذباب، وتقلص حجمه حتى دخل في جحر ضَبّ.

 

نجاة الشافعي

٦ / ٦/ ٢٠٢٣ م

 

ملاحظه: أود التنويه إن الموقع لا يتوافق مع أدوات الترقيم العربية 

 

الباب

تلجلج لسانها بالدعاء المتواصل

ترقد أمامها على السرير الأبيض

يدخلونها

يقع قلبها من مكانه

تحجرت دموعها في مآقيها

خرت على الأرض

هل ستراها مجددا

مرت الثواني كسكاكين تنحر أوردتها واحدا واحدا

تتنفس بصعوبة

تلهث كأن جني عملاق يطاردها في منتصف الليل في لجة حلم سرمدي

يدق قلبها كطبل مشدود

تتكسر آهاتها في ضلوعها

قامت بصعوبة

مشت مترنحة لتلقي بنفسها على أقرب كرسي بجوار الباب

.تراقب الداخلين والخارجين

نظرت للباب

رمادي واسع ذو دفتين

باب ذكي يُفتح بمسح البطاقة فقط

عندما يتعرف على هوية من سيدخله

ويحجب الرؤية عن الآخرين

تراصوا على الكراسي المجاورة

كلهم ينتظرون مثلها

بعضهم يتأفأف

أو يتفحص هاتفه

بعضهم صامت كالجليد

آخرون أصابهم القلق

صاروا يجولون في دوائر مفرغة داخل الممر الضيق

انتصف النهار

اشتدت الحرارة واشتد قلقها

بدأ صداع شديد يطرق رأسها

دماغها يتصدع وروحها تتألم

ما أشد لحظات الإنتظار

كأنها ولوج جسد

أو خروج جسد

من ثقب مفتاح الباب

نهضت من مكانها

الأبواب كلها موصدة في وجهها

إلا بابا واحدا

ستطرقه

وتنتظر من يجيبها

توجهت لغرفة المسجد في المستشفى

أثناء سيرها

خرج السرير فارغا

كتابة نجاة الشافعي

٢٢ مايو ٢٠٢٢م