لن ينطفئ القنديل
لن ينطفئ القنديل
لأنه ليس كباقي القناديل
فالسماء حبلى بالغيوم
والحمائم نائحات والظلام وشيك
ورذاذ المطر يتخلل رموش النخيل
وهو الوحيد الذي يمنح الضياء
معطراً بشغف الياسمين
وجذوة المسك المعتق بلهيب النيازك
هو من مسّه جنون النار متقلداً جِيدَ البدر
يشق العتمة بيد من عقيق
فتنفتق الأنواء معربدة في أضلاع المرايا
..تنتظر أوبة المساء
يتسلق أعمدة النور
يتدلى من كل المدارات
يحرث السمر في بطون الحانات
يشعل الجموح في صهيل الإغنيات
يوقد السفر في سراب المسافات
يمد ذراعيه لينتشل الشهب الغارقة في الغياب
يقتسم خبز الشوق مع عيون فضية
يتزين بأساور نحاسية
..وقلائد صدئة أعترتها هشاشة أعواد الرياحين
لن ينطفىء القنديل
والزيتون تقطفه حوريات الحقول كل ليلة
لتعصره أنهاراً في كؤوس العاشقين
تقدح وجيب القلب في أرقهم السرمدي
..فينطلق الشرر الأزرق يترصد الفراشات
لن ينطفىء القنديل لأنه هو والليل توأمان
كل منهما يعرف تفاصيل الذاكرة الغارقة في النسيان
كما يعرفان أوراقها المتساقطة ورقة ورقة
وعلامتها الفارقة عندما ينتصف الليل في كعبها العالي
..ويهتز خصرها النحيف
لن ينطفىء القنديل
كلما أومض النوى في بريق الكواكب التواقة للنجوم
كلما إندست الشموس في أصلاب المجرات
..كلما اِحمرَّت وجنات السحب لرشقات المطر
لن ينطفىء القنديل
لأن نجمة هوت في كفه ذات صيف
راقصته منذ غَسَقَتِ السماء حتى السحر
وعندما أعشى هالتها النور
..منحته القبلة الأخيرة قبل أن ينام القمر
لن ينطفئ القنديل
لأنه يخبأ الحروف في ياقة قميصه من زمن الساحرات
وعندما تداعب أزراره النسائم المتصابية
تندفع.. تتقاطر.. تنهلُ مِن نهم الكلمات
..فوق الشفاه المكتنزة بطلاسم الأمنيات
لن يُطفىء القنديل
أنتِ القنديل
أنتَ القنديل
.لستما كباقي القناديل
نص ورسم: نجاة الشافعي
7/9/2015