مواسم السواد
اِتشحت بالسواد مرة أخرى
اِنتحبت كل ذرة في وجدانها المرهف
أصبحت المسافة بين مواسم السواد تتضاءل جداً
قطعان كثيفة من الليل الجاثم على الصدور
تُستولد في كل مرة يُجرف فيها الحب إلى الهاوية
أصابعها الخمسة تفحمت واحداً بعد الآخر
أحلامها البريئة وُإِدت بين متاهات الظلمات
وبين سحب تلاشت في أفق وطن تسوده الغربة
أما الصمت المريب فتدفق إلى فوهة رأسها ليغرقه في قعر البئر
تقاطر الحزن في كل طريق ولجته قدماها
كياقة قميص اصطبغت بالرطوبة في ظهيرة صيف قاتل
ذات ليلة توجست وعداً صادقاً
يُجلله نور قادم من رحم الإنتظار
تنفست هواء ثقيلاً برائحة الرصاص المحروق
الرضيع ألتصق بنحرها بحنان
وردة يشم ريحها قبل الرحيل
حين عرجت للسماء خمس نخلات عاشقة للضياء
إمتزج رذاذ المطر بأحمر صاخب تمدد على الرمال
.يُبشِّر بمواسم بيضاء قادمة
إهداء: إلى بثينة العباد شهيدتنا جميعاً
بثينة تبلغ إثنين وعشرين ربيعاً وكانت طالبة طب واعدة في السنة الخامسة في جامعة الدمام. بثينة ذهبت إلى عزاء الإمام الحسين عليه السلام بمدينة سيهات في ليلة الثالث من المحرم ولم تعد. كانت تحمل طفلا رضيعا أثناء استشهادها. سقط رذاذ من المطر في تلك الليلة الخالدة عندما زُفت بثينة حورية إلى الجنان مع رفاقها الشهداء الأربعة
نص: نجاة الشافعي 20/10/2015
صورة: من كلية الطب حيث كانت بثينة تحفظ كتبها وأحلامها في رواق الأمل