أقداحُ النار

منذ كنت صغيرة

كنت حزينة جدا

أصابني مس لم أشفى منه

عقلي أكبر من صلصال جسدي الرخو

أحلامي أضخم بكثير

من صندوق ألعابي الذهبي

.من الدمى والمفرقعات النارية

Sufi Dance

 

أشتد الداء وعجز الدواء

لوثة لا شفاء منها نخرت دماغي

انعزلت عن الناس في قوقعة ذهبية

ماعدا الكتب والروايات والرياضيات

 .بدونها أحتضر

 

أُدلي بسنارتي في بحار الأبجديات الأولى

أصطادُ الأفكار العميقة لأطعم مخي الشره

أتكحلُ بمذاهب الفلسفة وأسسها ونشأتها وتطورها

افلاطون حبيبي

ارسطو طبيبي

أبوقراط عشيقي السري

 هيجل ونيتشة هدوئي المضطرب

جان جاك روسو عقدي الإجتماعي

.ُحتى رأس المال لكارل ماركس قرأتُه 

 

علمني باولو فيراري مع المقهورين

هشام شرابي مع المثقفين

شريعتي مع المحرومين

 .كلما قرأتُ وتأملتُ وفكرتُ أرتفع الجدار البارد

 

ألاحقُ الأفكار المستفزة

أتحداها تتحداني نتصارع

 تسري الرعشة في شراييني

.تضخ الحبر إلى قلبي

أمقتُ خفافيش الكتب

وضحالة الفكر

أشعرُ بالغثيان

لذلك أوصدت فمي

أغلقت أنفي

.أحرقت أناملي

 

 أعتدتُ الكآبة

أدمنتُ الحبوب المهدئة

ابتلعتُ كل كؤوس الشاي

أدخنُ كل مساء أرجيلة تفاحتين

.وأسكب في حلقي عنقود عنب تالف

 

ذات ربيع إنكسرت شرنقتي

زحفت تحت شجرة لوز

  العالم كما هو لم يتغير

متقزم متقسم متفحم

بل طعم الدم الطازج تحت أسناني

.ورائحة كتب محروقة في مستنقع الركود البالي

 

تماهيت بهم

بالونة منفوخة بالهواء

حياة بدنٍ بدون عقل

عقل بدون فكر

كل ما تبقى

فكر هلامي مدجن

.في أجساد فارغة من الخلايا العصبية

 

حديثك بالأمس أبكاني ثم استفزني

كُنْتُ في سبات مخيف

لدرجة أني آمنت بمتسلقي الفكر وبائعي الكلام

حتى أنت صرت ترقيعي وتلفيقي وتوفيقي

ماعدا جرعات تبقت في كأسك

من خمر مركز لم يتلوث بعد

.سقتني.. روتني حتى الثمالة

 

نهضتُ لأعيد قراءة كتبي

من فلسفة الأغريق إلى ما بعد الحداثة

مكعبات أبنيها وأفككها وأعيد صياغتها

ينتحر الكاتب ويبقى المكتوب

أنفضُ عن منضدة عقلي الغبار

.أقداحُ النار تلتهب في طين رأسي

 

٢٠١٥/٨/٢٣

نص ورسم: نجاة الشافعي