العشاء الأخير
..آه ياليل
في قلبي حجر
في كأسي الأحمر
جمرُ نيازكٍ هوت من سُرَّة السماء
فأشتعلت نيرانها في وليمة عشائنا الأخير
.ورفاقي لم يحضروا حفل عرسي الجنائزي
..آه ياليل
في فمي
مرارة بحر صوفي غرق قبل الطوفان
هجرته شواطئه السمراء
مراسي سفن صدئة تمخر عباب الرمل
نشيج بحارة شربوا ماء البحر فأنهكههم الظمأ
بهجة أطفالي لمرأى أقرانهم يعيثون عبثاً
عنفوان أمواج يداعبها صخب النسيم
دفق زخات مطر خريف حارقة
.حبور فراشات ربيع النهايات
..آه ياليل
رأسي سمكة عالقة
بريشة نورس مهاجر إلى الشمال
.وجناح المساء يغويني بالرحيل
..آه ياليل
ضباب كثيف يخنق عينييّ
تسقط أهدابي أشواكاً
في أحضان أشجار الصنوبر
أحدق في عتمة سرمدية
تسرق وهج القمر
وملامح نجوم تائهة
.في غربة ليلية لا تتوقف
..آه ياليل
أكاد لا أراها
نبتت في ضلوعها المنكسرة
شظايا زجاج الشوق
حصدت عشقها سكينة غدر
.وراء الباب
..آه ياليل
لو تجمع ما في صدري
من أصداف اليتم
لسقيتك عطشاً من نهر الفرات
.حتى تسكر
..آه ياليل
لو تسمع ما يشدو في أذني
لأطربك شجن ترنيمة غزل عراقية
.أنشدها لأطفالي لينامون
..آه ياليل
أبنائي عشرة
مسافرون بدون حقائب
أسافر معهم في أحلامهم كل ليلة
أُقَبِل صورهم كل صباح
أمسح وجوههم المتوهجة حزناُ
.أضم وسائدهم الباردة إلى نحري
..آه ياليل
أهواهم
لست أنساهم
أَعِد لي صدى ضحكاتهم
أَعِد لي شهقاتهم الملهوفة
أَعِد لي رائحة البحر
أمنحني فقط نظرة أخيرة
أنسجها في خيوط اللقاء
ترن في ناموس ذاكرتي
ألتصق بها بحميمية
قبل
أثناء
بعد
.الفراق
..آه ياليل
لن أرحل قبل أن أراهم
سأنتظرهم حتى يعودون
.سأنتظرهم حتى يسأم مني الانتظار