Najat Alshafie نجاة الشافعي

View Original

كأنني أعرفه

من ضلع أعوج
ينبع حلم
ينتفض في فراشي
تؤرقني ملامحه
كأنني أعرفه
أغفو على صدره
أستيقظ بولع
.ولما يكتمل

 

يتساقط ريشه
ريشة ريشة
يفتقده جناحي
.فيكف عن التحليق

 

أوراقه تنسلخ من أغصاني
.زهوره تعالج سكراتها الأخيرة

 

يوجعني
طيران محموم
سفر بلا توقف
فراق بدون وداع
غياب بسبق الأصرار
.نهايات لا تعرفها البداية

 

مدينتي يموج فيها العابرون
موجة تعقبها موجة
لا تتكسر الأمواج على سواحلها
أصابتها حمى العدو
تكَّر
تفَِّر
تقبل
تدبر
.بشبق

 

ما الذي تبقى للقلب
إنكساره
أم نوافذه المهشمة؟
نقطة الباء
!أو فاصلة العشق
ومضة العين
غربة اليد
!أم وجيب الشفاه

 

ماذا تبقى للفرح
مرارة البهجة
!أم صبارة القدر

 

ماذا تبقى للصمت
حفيف السكون
!أم حفاوة الهجر

 

ماذا تبقى للشجرة
ظل الثمرة
!أم رائحتها

 

ماذا تبقى للعصفور
كف الريح أم
!سراب الغصن

 

ماذا تبقى للطفل
حضن الشتاء
!أم قميص الأم

 

ماذا تبقى للفقير
كسرة الرغيف

!أم ورقة التوت

وللعبث
!تبقى هشاشة مفاصل الزمن

 

يأسرني وجه مدينة
لا تهجع في أحضان القمر
لَسْتَ بنائم
لَسْتُ نائمة
كلانا مستيقظان
نبصرها بعيون سكنها الماء
عشقنا نحرثه في زوايا مكتظة
.بسكارى الليل

 

الحارس قناديله لا تنام
الساقي أقداحه لا تفرغ
تضج عنفوانا عندما ينادمها الوله
في حفلة شراب متأخرة
.لا تحضرها النساء

 

أجراس البلابل تصدح ثلاثاً
تتلاطم الأنغام في دوحتها
يزحف النعاس ببطء
.يغزو أطرافها الخدر

 

نوافير تشدو في الطرقات
فتصطبغ دروب أنهكها السفر
.بماء الورد وعبق الزعفران

 

ضجيج يعلو
نهم يسترق البصر
لما وراء الجدار
يتسللون خلسة عبر المرايا
في موسم الجدب
.ثم يعودون مع الأمطار

 

يترقبون أنواء محملة بخوراً
وفساتيناً حررية
ينقشون سجادة الأنتظار زهورا برية
.ورسائل شوق معطرة

 

تسمر شوكة ناتئة في بابها
يعاقر زمناً أصفرت أوراقه
أستوى جلده
أفترشت بساطه الريح
يهترئ الليل
.ولا يغادر من القفل

 

دواليب تسير بها على الماء
تحملها على عرشه
مدينة لا تتوقف

كل الطرق تؤدي إليها
.وكل طرقها تؤدي إلى القلب

 

تنزلق ألحان العشاق على ضفتيها
تسيل أزهارها شهداً في آنيتهم
تنضَحُ سَكَراً
ينضِجُ خبزهم
.فيكتمل الحلم


 25-8-2006